أنشر المقال

جامع المواسين

بُني جامع المواسين (نسبة إلى الحي الذي شُيّد فيه)، ويسمى أيضا جامع الشرفاء، من طرف السلطان الغالب بالله السعدي ما بين [970ه و 980ه / 1562م و 1572م]. وشُيّد معه مجمعٌ ديني يحتوي على خزانة، وسقاية، وميضاة واسعة، وحمام وكُتاب ومسكن للقائمين على شؤون هذا المسجد الجامع

يقع الجامع بقلب المدينة القديمة بحومة المواسين. وكان يشاع في أوساط بعض المراكشيين كما ذكر المؤرخ محمد الإفراني أن هذا المسجد شُيد على مجموع مساحة حارة يهودية قديمة مما جعل بعض ساكنة الحي يتحاشون الصلاة فيه. فلقد جاء في الاستقصا : [ .. و لقد كان أهل الورع يجتنبون الصلاة في جامع الأشراف بعد بنائه بمدة، و يقال : إن موضع ذلك الجامع كان مقبرة لليهود والله أعلم]

وقد رد ذلك كله قاضي مراكش ومؤرخها العباس بن إبراهيم. وجاء في كتاب السعادة الأبدية في التعريف بالحضرة المراكشية لابن المؤقت في ترجمة الفقيه عبد الله بن ياسين : [ ... ويبعد كل البعد ما شاع بين أهل مراكش أن مسجد المواسين كان حارة لليهود، فكيف يكون مسجد هذا الفقيه ومقامه مجاورا لليهود، وله جاه وعلم وصلاح]

ولحد الآن ما زال هناك برج بحي المواسين قرب الجامع يسمى برج اليهودية، في حين أن هناك رواية شفوية تقول بأن : ذلك البرج كان بيتا لمؤقت الجامع. وفي غياب الوثائق تبقى هذه الروايات الشفوية قابلة للنقاش وللأخذ والرد

وجدير بالذكر أن القبة التي توجد أمام المحراب في غاية الجمال وفي منتهى الإبداع الفني والزخرفي. وهذا النوع من الزخرفة والنقش يسمى ب (مقربص بالقضيب). ولم يبق اليوم من يصنعه نظرا لدقته وتشابكه. بينما سقف الجامع لا يزال يشهد ببراعة صناعه، ويمثل أجمل ما في هذا الجامع من الإنجازات البديعة الرائعة التي تميز بها السعديون. كما يضم الجامع أربعة أنواع من الأقواس كُتب عليها بالخط الكوفي [الملك لله - العزة لله - الحمد لله]

يعتبر منبر جامع المواسين تحفة نادرة لما يحتويه من زخرفة بديعة تنم عن مهارة صُنّاعه، ودقتهم وجودتهم وهو شبيه بمنبر جامع القصبة. كذلك محراب الجامع فهو نسخة من محراب جامع القصبة بما في ذلك نقوشه و حروفه الكوفية

وللجامع ثلاثة أبواب. اثنان منها يقابل أحدهما الآخر، ويؤديان إلى الجناح الأخير للجامع، وكل مدخل يكون في خارجه ثغرة مَبنية يعلوها تقبيب مخرم تخريما نازلا إلى الأسفل، وزينت مصارع هذه الأبواب بمزالج مزخرفة بنقوش تحمل اسم السلطان المؤسس لهذا الجامع، وقد جاء في الأثر أن أحد هذه الأبواب نقل من غرناطة

ولأول مرة تُنشأ شبه مدرسة لتلقين الكتابة فكانت تقام دروس لتعليم الخط بقوانين مضبوطة بالجامع على نحو ما كان معروفا في القاهرة وبغداد وغيرها من حواضر العلم والثقافة بالشرق، وأُسندت رئاسة هذه المَشيَخَة إلى نقيب الخطاطين عبد العزيز بن عبد الله السكناني [956ه/1550م]

كانت بجوار هذا الجامع مكتبة عظيمة أسسها الغالب بالله السعدي، وأوقف عليها من نفائس الكتب الشيء الكثير، وصيّر عليها أموالا طائلة وحشد فيها ألوفا مألفة من المخطوطات والأسفار الجامعة الحاوية من كل فن أنفعه ومن كل علم أرفعه، وظل الأمراء والمحسنون يوقفون عليها من أمهات الكتب ما جعلها في الجنوب قرينةَ مكتبة القرويين في الشمال. وقد تم نقل بقايا الكتب من خزانة ابن يوسف إليها، كما نُقلت خزانة كل من جامع باب دكالة و جامع القصبة إليها أيضا فكانت محطَّ أنظار العلماء والمفكرين والأدباء وطلبة العلم

مضامين هذا المقال مأخوذة من كتاب مساجد مراكش عبر التاريخ لأحمد متفكر

التعليقات

تبارك الله، الله يجازيك بخير 🌷

جميل جدا ما شاء الله

5ofryv

xrlyy2

ps7b7i

h7ayxd

1zmcey

uo13q2

fqefq9

090rb8

pskic4

trup70

eyc8p3

kfnn51

hjmbme

a6b4dp

acobvl

7pdc62

ptknn6

cdx3p0

k8qm97

rp1nlt

p2slbc

n6pc7m

أترك تعليقا









أنشر المقال

إذا لديك سؤال، استفسار أو مشاركة فأرسل لنا رسالة