في عهد الدولة المرابطية ظهر على أرض مراكش جهابذة الطب وفحوله، فعاشوا في كنف السلاطين والأمراء، فهيّأوا لهم الظروف، ويسّروا لهم السبل، وسرعان ما نضج هذا العلم حتى صار يُدَرّس في عهد الموحدين، فشيدوا المستشفيات ودور العلاج، وأتاحوا الأجواء المناسبة لمزاولة هذه المهنة وكان المستشفى آنذاك يسمى ب "البِيمَارَسْتَان" براء مفتوحة وسين مسكونة، وهي كلمة فارسية معربة مركبة من كلمتين: "بيمار" وتعني "مريض" أو "عليل" أو "مصاب"، و"ستان" تعني "مكان" أو "دار"، فهي إذا دار المرضى، ثم اختصرت في الاستعمال فصارت مَارِسْتَان كذا جاء في "الطب والأطباء بمراكش عبر العصور" لأحمد متفكر يضيف قائلا: وكانت المَارِسْتَانات في مراكش من أول عهدها إلى زمن طويل مستشفيات عامة، تُعالجُ فيها جميع الأمراض والعلل من باطنية، وجراحية، ورمدية، وعقلية إلى أن أصابتها الكوارث، ودار بها الزمن، وحلّ بها البوار، وهجرها المرضى، فأقفرت إلا من المجانين حيث لا مكان لهم سواها. فصارت كلمة مارستان إذا وأول مَارِسْتَان أُسِّسَ بمراكش كان في أواخر القرن السادس الهجري بالقصبة الموحدية. قال عنه صاحب "الاستبصار في عجائب الأمصار": [وضع "دار الفرج" في شرقي الجامع المكرم، وهو مارستان المرضى، يدخله العليل فيُعايِنُ ما أُعد فيه من المنازه، والمياه، والرياحين، والأطعمة الشهية، والأشربة المفوهة، فيستطعمها ويسيغها فتنعشه من حينه بقدرة الله تعالى] وذكر المؤرخ الفرنسي "مييي" في كتابه "الموحدون" سنة 1923 واصفا هذا المستشفى بكونه يفوق مستشفيات أوروبا في زمانه إذ يقول: لا يخلف وراءه مصحات أوربا المسيحية فحسب، بل تخجل منه حتى اليوم مستشفيات باريس أما المؤرخ الرحالة عبد الواحد المراكشي، فقد دون لنا في كتابه : "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" أخبار هذا البيمارستان، وسجل لنا تفاصيل دقيقة عنه، وقد عاصر بناءه، كونه مراكشيَ المولد والدار. ورُغم كثرة أسفار المؤلف وزيارته المتكررة للأندلس وبلاد الشام وبغداد، وكثرة ما شاهده وعاينه من عجائب البلدان وغرائب الأمصار فهو لم ير مثل هذه المعلمة الصحية الفريدة ولعلّ تعبير المراكشي عن انبهاره بتلك المعلمة، أبلغ من أن يحاكى في وصفها، حيث يقول في سياق حديثه عن مناقب الخليفة يعقوب المنصور: و بنى بمدينة مراكش بيمارستانا ما أظن أن في الدنيا مثله؛ وذلك أنه تخير ساحة فسيحة بأعدل موضع في البلد، وأمر البنائين بإتقانه على أحسن الوجوه؛ فأتقنوا فيه من النقوش البديعة والزخارف المحكمة ما زاد على الاقتراح؛ وأمر أن يغرس فيه مع ذلك من جميع الأشجار المشمومات والمأكولات، وأجرى فيه مياها كثيرة تدور على جميع البيوت، زيادة على أربع برك في وسطه، إحداها رخام أبيض، ثم أمر له من الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم وغيره، بما يزيد على الوصف ويأتي فوق النعت وأجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم برسم الطعام وما ينفق عليه خاصة، خارجا عمّا جلب إليه من الأدوية وأقام فيه من الصيادلة لعمل الأشربة والأدهان والأكحال، وأعدّ فيه للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم، من جهاز الصيف والشتاء فإذا نقه المريض فإن كان فقيرا أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل، وإن كان غنيا دفع إليه ماله وترك وسببه؛ ولم يقصره على الفقراء دون الأغنياء، بل كل من مرض بمراكش من غريب حمل إليه وعولج إلى أن يستريح أو يموت وكان في كل جمعة بعد صلاته يركب ويدخله، يعود المرضى ويسأل عن أهل بيت، يقول: كيف حالكم؟ وكيف القَوَمَة عليكم؟ إلى غير ذلك من السؤال، ثم يخرج؛ لم يزل مستمرا على هذا إلى أن مات رحمه الله وختاما يظهر من خلال هذا النص التاريخي وهذه الشهادة القيّمة ذلك المستوى الذي بلغ إليه الطّبّ في مراكش في عهد الدولتين المرابطية والموحدية. كما نلاحظ إشراف السلطة السياسية العليا في البلاد بشكل مباشر على بناء المستشفيات والمدارس العلمية والاعتناء بشتى ميادين المعرفة لأن بها حقا وحقيقة بناءَ الحضارة وتقدمَ الشعوب
دائما متالق مجهود متعوب عليه
مبهر جدا مشاء الله عليك، امتعنا بالمزيد
السلام عليكم، أولا شكرا سي زكرياء عاى هذا الإمتاع التاريخي، الذي يميط اللثام عن تاريخ مراكش المجيد، أما بعد أولئك القوم صدق فيهم قول الله تعالى:( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا) ، و قوله تعالى ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ، أحسنوا سرهم و علانيتهم، فأحسن الله إليهم، رفعة و قوة و غلبة و سعة رزق في الدنيا و في الآخرة أجر عظيم، فاللهم اجعلنا منهم، و بارك الله لك أخي في عملك و .جعله في ميزان حسناتك ،
twydnr
ji57ep
fvjiux
بتارك الله عليك أستاذنا معلومة في غاية الأهمية
jfkrpo
au1kqa
0yjjdl
8fvdqd
n7rvtv
maa2ox
b7gq4c
n7my4y
cacmk5
6psp8p
ezlzqp
pmwc3n
tn79a1
wyd4az
alo06a
w822sy
8xlfbh
q7yuao
4koi1u
lrdkyh
أترك تعليقا