بسم الله نكمل سلسلتنا بذكر أخبار وأحوال رجل حسبك من رجل، جمع بين شرف الطين والدين، هو سيدي ابن سليمان الجزولي يقول العلامة اليوسي في نظمه بعد ذكره لسيدي أبي العباس السبتي و نجل سليمان الجزولي فضله ☆☆ شهير و من يدعو إليه يسارع شيخ العارفين، وإمام الواصلين ونخبة الأشراف والعلماء العاملين والفقهاء الفاضلين، تحفة أكابر الأولياء ذو المناقب الشهيرة والكرامات الكثيرة. أقامه الله لنفع البلاد والعباد، أبو عبد الله سيدي محمد (فتحا) بن عبد الرحمان بن أبي بكر بن سليمان بن سعيد السملالي الجزولي الحسني ويُنسب إلى سليمان جد أبيه كما هو مبيّن وهو ما يجري على ألسنة الناس فيعرف بسيدي ابن سليمان الجزولي شريف النسب يرجع أصله إلى سملالة وهي قبيلة من قبائل جزولة البربرية من سوس الأقصى وبها ولد ونشأ وكان ذلك في عهد الدولة المرينية، حفظ القرآن ثم اشتغل بالعلم ورحل لفاس وسكن مدرسة الصفارين وبيتُه بها معروف مشهور أخذ عن علماء زمانه حتى صار علامة على قدم راسخ في فقه مالك، وكان يحفظ المدونة وغيرها. كما لقي هناك العارف سيدي أحمد زروق الذي أرشده إلى الشيخ المربي، والمُعين على سلوك الطريق، الولي الصالح، الكوكب الواضح سيدي محمد أمغار الصغير وعول عليه في طريقه وعلى يديه فُتح عليه، واتصل سنده بالشيخ الأكبر أبي الحسن الشاذلي من طريق سيدي عبد الرحمان الرجراجي رضي الله عنهم أجمعين يقول سيدي ابن المؤقت في السعادة الأبدية : [كان رضي الله عنه على قدم كبير في عبادة الله موزعا نهاره وليله على ما يقربه من الله، كثير الأوراد، مستغرقا أوقاته في الصلاة على سيد الأسياد صلى الله عليه و سلم، مراقبا لله تعالى في جميع أفعاله، واقفا عند حدوده، عاملا بكتاب الله وسنة رسوله، زاهدا ورعا إلى أن اشتهر بالصلاح، وظهرت منه الكرامات، وتاب على يديه خلق كثير، وانتفع به جم غفير، وانتشر ذكره في الآفاق، وأخذ في تربية المريدين وإرشادهم إلى سبيل الهدى والوفاق، فاستنارت لهم ببركته الأنوار، وظهرت لهم معالم الأسرار، وقد اجتمع بين يديه من المريدين اثنا عشر ألفا، كلهم ممن نال منه خيرا جزيلا على قدر مراتبهم وقربهم منه وهو بذلك جدير] ألف رضي الله عنه كتابه العظيم دلائل الخيرات في الصلاة على سيد السادات صلى الله عليه و سلم الذي حاز من الحظوة والانتشار ما لم يحزه أي كتاب، وقرأه العامة والخاصة، وانتفعوا به وأقبل عليه الناس وسار فيهم مسير الشمس والقمر، وأكبوا عليه في مشارق الأرض ومغاربها دون غيره من كتب الصلاة على النبي على كثرتها وسبقيتها، وجدوا له بركة و نورا وهو كما قال بعضهم : [دلائل الخيرات آية من آيات الله في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم] هذا ومن منن الله تعالى على هذه الحضرة المراكشية، اشتغال جلهم بقراءة دلائل الخيرات في المساجد والبيوتات وكذلك في ضريحه، فاعتنوا به كثيرا أفرادا وجماعات متفانين في الصلاة على الحبيب الأعظم مادحين له صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله جاء في إظهار الكمال: [ ذُكر أنه جمع كتابه (دلائل الخيرات) من كُتب خزانة جامعة القرويين بفاس، وقصد رضي الله عنه فيه، كما قال الشيخ الإمام محمد العربي بن سيدي يوسف الفاسي فيما وجدته بخطه: جمع المروي من ألفاظ الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، عنه صلى الله عليه وسلم وعن غيره من فُضلاء أمته، والاقتداء بهم، والتبرك بأتباعهم، وذلك كله لحُسن نيته رضي الله عنه،] ويذكر أن سبب تأليفه إياه أنه حضر وقت الصلاة فقام يتوضأ فلم يجد ما يخرج به الماء من البئر، فبينما هو كذلك إذ نظرت إليه صبية من مكان عال، فقالت له : من أنت ؟ فأخبرها، فقالت له : أنت الرجل الذي يثنى عليك بالخير، وتتحير فيما تخرج به الماء من البئر، فبصقت في البئر ففاض ماؤه على وجه الأرض، فقال الشيخ بعد أن فرغ من وضوئه : أقسمت عليك بما نلت هذه المرتبة ؟ فقالت: بكثرة الصلاة على من كان إذا مشى في البر الأقفر تعلقت الوحوش بأذياله صلى الله عليه وسلم، فحلف يمينا أن يؤلف كتابا في الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم، وكفاه هذا التأليف العظيم شهادة على سمو قدره، ونمو فخره، وشدة شغفه بجده النبي صلى الله عليه وسلم ومما جاء في دلائل الخيرات للإمام الجزولي في حق الرسول الكريم [اللهم داحي المدحوًّات، وبارئ المسموكات، وجبار القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحننك على سيدنا محمد عبدك ورسولك الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، والمعلن الحق بالحق، والدامغ لجيشات الأباطيل كما حُمّل، فاضطلع بأمرك بطاعتك، مستوفزاً في مرضاتك واعياً لوحيك، حافظاً لعهدك، ماضياً على نفاذ أمرك، حتى أورى قبساً لقابس، آلاء الله تصل بأهله أسبابه، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والإثم، وأبهج موضوحات الأعلام ونائرات الأحكام، ومنيرات الإسلام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة..] ثم بعد تأليفه لهذا السفر العظيم دخل خلوته بالمدرسة المذكورة آنفا ومكث فيها أربعة عشر عاما، وكان ورده ألوفا مألفة من البسملة وعدة ختمات من الدلائل وربعا من القرآن في كل يوم وليلة، ثم أُذِن له وخرج للدعوة والإرشاد والتربية واجتمع عنده خلق كثير كما جاء في ممتع الأسماع للشيخ المهدي الفاسي. ثم هؤلاء الذين أخذوا عنه، تفرقوا في البلاد وأخذ الناس عنهم وانتشرت أتباعهم واشتبكت فروعهم وانتفع الناس بهم النفع الكثير العظيم الذي لا يوصف ولا يحاط به. وهذه كما قال بعض علمائنا، هي الكرامة الكبرى و الآية العظمى للشيخ، إذ كل واحد من هؤلاء الأتباع في ميزانه ومستمد منه ومقتد به وإن كانوا كثيرين فإنما اشتهر منهم أربعة فهم أشهر أصحابه وأجلهم قدرا وأعظمهم وعلى أيديهم تخرجت المشايخ والرجال وتفرعت عنهم هذه الطريقة الجزولية منهم الولي العارف سيدي عبد العزيز التباع الآتي ذكره في المراكشية الموالية وهو خامس السادات السبعة في الزيارة يقول سيدي عبد الله التليدي في المطرب : [ .. كانت طريقته التي يأخذ عليها العهد هي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفناء في محبة الله ورسوله وزيارة الأولياء، مع التبري من الحول والقوة والاعتماد على الله جل جلاله.] بعد ذلك رحل للديار الشرقية ولقي بها الأكابر وأخذ عنه الكثير هناك ثم رجع لبلاده واتخذ مدينة آسفي مقرا لسكناه فعاداه أهلها وأنكروا عليه وابتلي كثيرا بسبب ذلك فأُخرج منها ورجع إلى بلاده جزولة وبها توفي رحمة الله عليه ونفع به بمنطقة تسمى آفوغال وهو ساجد في السجدة الأولى من الركعة الثانية من صلاة الصبح. قال الشيخ أحمد بابا في (نيل الابتهاج): [...مات مسموما في الركعة الأولى من صلاة الصبح، سادس عشر ربيع الأول عام 870ه]. وقال الشيخ زروق [إنه مات مسموما في صلاة الصبح، إما في السجدة الثانية من الركعة الأولى أو في السجدة الأولى من الركعة الثانية، عام 870ه] لما توفي الإمام الجزولي مسموما قام ثائر يدعى عمرو بن سليمان الشياظمي المغيطي المعروف بالسياف ويقال له المُريدي مطالباً بالثأر من الذين سموّه، فتتبعهم قتلاً، وأخذ يدعو الناس إلى اتباعه، فذاع أمره، وقاد الجيوش، وخلق متاعب كبيرة للدولة الوطاسية، واستمرت حركته عشرين سنة، وكان خلال هذه المدة يحمل تابوت الإمام الجزولي في مقدمة الجيوش تبركا به، وتفاصيل هذه الحادثة في كتاب "الاستقصا" للناصري. وقد أورد كثير ممن ترجموا للإمام الجزولي أن الثائر عمرو بن سليمان السياف هذا، لما كان ينتهي من حرب خاضها، يعود إلى بلاده بالشياظمة، فيضع تابوت الشيخ الجزولي في روضة يسميها "الرباط" كما في "ممتع الأسماع" لمحمد المهدي الفاسي، و"الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام" للعباس بن إبراهيم التعارجي وبعد 77 سنة من وفاة الإمام الجزولي، نُقل قبره إلى مراكش، بأمر السلطان أبي العباس أحمد السعدي المعروف بالأعرج تنفيذا لأمر والده أبي عبد الله القائم المؤسس الأول للدولة السعدية، فوجدوا الإمام رضي الله عنه لم يتغير منه شيء، ولم تعد عليه الأرض، حتى أن أثر الحلق من شعر رأسه ولحيته كان ظاهرا كحاله يوم موته، وكان بعضهم يضع أصبعه على وجهه فينحصر الدم عما تحتها، فإذا رفع رجع الدم كما يقع ذلك للحي. ودُفن سيدي الإمام الجزولي برياض العروس، وأصبح فيما بعد من أشهر رجال مراكش السبعة فرحم الله سيدي محمدا بن سليمان الجزولي وأجزل له المثوبة ونفعنا بعلمه وصلاحه ورفع درجته هنا وهناك ياكريم
doo9ay
v8b1ft
hkod2z
xkawm7
1rrvkn
oc8vgs
t4deor
zenea3
cwbohj
ls069h
0b2hjp
ulxnna
pahdkc
8a2pyx
ma0hnp
cnnelf
jzpuds
7mmx19
sdrfhj
9bt4am
0wxwou
pwqdpb
ftqbcm
أترك تعليقا